كيف بدأت "أنا كذا" في الظهور؟
جذور الأناة !
إن جذور هذه الأناة تندرج في مجموعتين, والناس هم المسئولون عن النوع الأول من هذه الملصقات. لقد قام الناس بتعليق هذه الملصقات وأنت ما زلت طفلاً وظللت تحملها إلى اليوم. أما النوع الثاني من هذه الملصقات فهو ناتج عن اختيار قمت به من أجل أن تتفادى القيام بالأعمال الصعبة المرهقة.
النوع الأول :
والنوع الأول هو الأكثر شيوعاً وانتشاراً من النوع الثاني. هذه فتاة تقبل على حصة الرسم, وهي في كل يوم تملأها البهجة والسرور لأنها ستمارس هوايتها المفضلة في الرسم والتلوين. وتخبرها المعلمة بأن مستواها ضعيف في الرسم فتبدأ الطفلة في الصدود عن ممارسة هوايتها لأنها تخشى استهجان الآخرين لها. إن لديها منذ وقت طويل الاستعداد لأن تقول لنفسها "أنا ضعيفة في الرسم", فلما حدث هذا الصدود منها نتيجة لما قلته المعلمة ترسخت الفكرة في داخلها, وحينما كبرت كانت إن سألها أحد "لماذا لا ترسمين", تجيبه قائلة "أنا ضعيفة في الرسم", "وهكذا دائماً".
إن أغلب الأناة "أنا كذا, وأنا كذا" تعتبر بمثابة آثار أو بقايا علقت بك منذ أن سمعت مثل هذه العبارات "إنه أخرق, إن أخاه ذو مستوى طيب في ألعاب القوى أما هو فلا يعرف إلا الدراسة النظرية" أو "إنك مثلي تماماً, أنا أيضاً ذو مستوى ضعيف جداً في التهجي" أو "بيلي دائماً يشعر بالخجل", أو "إنها تشبه أباها تماماً في عدم قدرتها على ضبط حركة عجلة اليد هذه. "إن هذه طقوس الميلاد التي تجري في بداية ظهور الأناة "أنا كذا, وأنا كذا", والتي تفرض علينا فرضاً فنقلبها كأنها مسلمة من مسلمات الحياة.
تحدث إلى الناس الذين ألفتهم في حياتك والذين تشعر بأنهم هم المسئولون عن معظم أناتك "أنا كذا... أنا كذا", (كالآباء وأصدقاء العائلة الدائمين والمعلمين القدامى والأجداد... إلخ). اطرح عليهم هذا السؤال "لماذا أصبحت أنا كذلك, وهل كان حالي دوماً على نفس هذا المنوال؟". قل لهم إنك عزمت على إحداث تغيير في نفسك وانظر هل هم يرون أنك قادر على هذا التغيير أم لا. سوف تدهشك كثيراً تبريراتهم وتأويلاتهم, وسيدهشك أيضاً اعتقادهم بأنه ليس بإمكانك إحداث مثل هذا التغيير فقط" لأنك قد اعتدت على أن تكون كذلك".
النوع الثاني :
وأما النوع الثاني من الـــــ "أنا كذا, وأنا كذا" فهي تلك التصنيفات التي تعلمت أن تُلصق بها نفسك لكي تتجنب القيام بأنشطة تكرها. لقد جاءتني حالة من الحالات, وهي حالة لرجل في السادسة والأربعين من عمره, وكانت لديه رغبة شديدة في أن يلتحق بالجامعة حيث فاتته فرصة الالتحاق بها بسبب الحرب العالمية الثانية. ولكن "هوراس" كانت لديه رهبة من صعوبة المنافسة الأكاديمية التي قد يلقاها من الدارسين الشباب الذي انتقلوا من المدرسة الثانوية مباشرة إلى الجامعة. إن خوفه من الفشل وشكه في قدراته العقلية أفزعها كثيراً. بمساعدتي له عن طريق الإرشاد النفسي استطاع أن يقدم على دخول امتحانات القبول وأن يتخذ الترتيبات والاستعدادات اللازمة لإجراء مقابلة شخصية مع الموظف المسئول عن انضمام الدارسين إلى الجامعة ولكنه لا يزال يستخدم تلك الـــ "أنا كذا, وأنا كذا" يخفي من خلالها حقيقة فشله والسبب وراءه.
إنه يبرر كسله وسلبيته بقوله "أنا كبير السن جداً؛ أنا لست ذكياً بما فيه الكافية, كما أنني لست مهتماً بهذا الأمر كثيراً"
إن "هوارس" يستخدم تلك الأناة لكي ينجو من شيء يريده ويخشاه في نفس الوقت. أحد زملائي يستغل هذا الأناة لكي يتجنب أعمالاً لا يستمتع بها. فهو يتجنب إصلاح جرس الباب أو المذياع أو أي عمل يدوي لا يرغب القيام به بقوله لزوجته "حسناً يا عزيزتي أنت تعرفين أنني لا أجيد الأعمال الميكانيكية". هذه النوعية من ال "أنا كذا, وأنا كذا" تعتبر بمثابة سلوكيات تكيُفيه, ولكنها مع ذلك تعد بمثابة اعذر واهية. فبدلاً من أن تقول لنفسك "إنني أشعر بنوع من الملل وعدم الاهتمام بهذا العمل ولقد اخترت ألا أقوم به في الوقت الحالي" (وهذا القول منطقي وسليم), تركن إلى الأسهل بأن تقول لنفسك "أنا كذا".
في هذه الحالات يقول كل فرد لنفسه "يستحيل عليّ هذا الأمر وليس بيدي أي قدرة على التغيير". إنك إن استسلمت لهاجس أنه قد قدر لك ذلك وأن حالك لا مفر منه فإنك بذلك تكون قد توقفت عن النمو, وفي نفس الوقت الذي قد تجد لديك الرغبة في أن تتشبث ببعض ال "أنا كذا... وأنا كذا" قد تجد بعضها الآخر مقيداً أو مدمراً لك.
إليك قائمة ببعض الملصقات (التصنيفات) والتي تعد بمثابة آثار وبقايا من الماضي. فإن وجدت إحداها أو بعضها أو حتى جميعها تنطبق عليك فقد تساورك الرغبة في أن تقوم بتغييرها. أما إن آثرت بقاء حالك على ما هو عليه فإنك بذلك تكن قد اتخذت قراراً بأن تنتحر وتنتهي حياتك. تذكر دوماً أننا لسنا بصدد مناقشة الأشياء التي لا تستمتع بها, ولكننا نتأمل ذلك السلوك الذي يحول بينك وبين اختيارك للأنشطة التي تحقق لك قدراً كبيراً من المتعة والإثارة.