دائرة الــــــ "أنا كذا
التجنب
يمكن أن نحرص كل المكاسب التي تتحقق من خلال تشبثك بالماضي عن طريق الــــــ "أنا كذا", وأنا كذا" في كلمة واحدة: "التجنب". فعندما ترغب في أن تتجنب نوع معين من النشطة أو أن تستر عيباً أو نقصاً في شخصيتك يمكنك أن تتعلل بواحدة من هذه الــــ "أنا كذا..." وفي الحقيقة فإنك بعد ما تستخدم تلك التصنيفات بدرجة كافية, سوف تبدأ أنت نفسك في أن تصدقها وتقتنع بها, وسوف تشعر بالعجز وكأنه قد قُدِّر لك إن تبقى على حالتك هذه بقية حياتك. وهذه الملصقات (التصنيفات) تساعدك على تجنب العمل الشاق وتفادي المجازفات التي قد تحدث لك إن أنت حاولت التغيير. إنها تؤصل هذا السلوك الذي قد أدى إلى ظهور مثل هذه الملصقات. وهكذا لو ذهب شاب إلى حفل معين وهو يظن في قرارة نفسه أنه خجول فسوف يتصرف كما لو كان خجولاً بالفعل, وسوف يقوي سلوكه هذا تصوره عن ذاته إلى حد بعيد. إنها دائرة خبيثة.
المشكلة
وهنا تكمن المشكلة, فبدلاً من التدخل في المنطقة ما بين 3, 4 في تلك الدائرة (أي يقوم بأخذ إجراءات إيجابية), يقوم بتبرئة نفسه وإعفائها بقوله "أنا كذا...". أما الإقدام والذي يتطلبه الموقف للخروج من هذه المشكلة فهو يتجنبه بدهاء ومراوغة, وربما تكون هناك أسباب عديدة وراء هذا الخجل الذي يشعر به ذلك الشاب, وقد ترجع بعض هذه الأسباب بجذورها إلى مرحلة الطفولة, ومهما كانت أسباب خوفه فلقد عزم على ألا يسعى جاهداً لعلاج مشكلة حذره (خجله) الاجتماعي بل قرر أن يتعلل دوماً بــــ "أنا كذا". إن خوفه من الفشل له من القوة ما يعيقه ويمنعه من المحاولة والتجريب. إنه لو كان لديه إيمان باللحظة الحالية وبقدرته على الاختيار لتغيرت عبارته التي يستخدمها من "أنا خجول " إلى "لا زلت أتصرف بخجل إلى الآن".
إن دائرة الخجل الخبيثة يمكن أن تنطبق على كل الـــ "أنا كذا, وأنا كذا" التي تلغي الذات. انظر إلى الدائرة الخبيثة لهذا الطالب الذي يعتقد أنه ضعيف في الرياضيات عند حله لواجب الجبر.
فبدلاً من أن يتوقف بين 3, 4 وبدلاً من أن يخصص وقتاً إضافية لذلك أو أن يطلب النصيحة من المعلم أو أن يجتهد لحل المسائل يركن إلى التوقف. وحينما تسأله لماذا يخفق دائماً في الجبر يرد عليك قائلاً: "لقد دأبت على أن أكون ضعيفاً في الرياضيات". وهذه "الأناة" اللعينة هي بمثابة الأعذار التي تلجأ إليها لتبرأ بها نفسك أو لتوضح من خلالها للآخرين لماذا أنت مُصر على هذا السلوك الذي ينطوي على إحباط الذات.
يمكنك أن تتفحص هذه الدائرة الخاصة بتفكيرك العصابي وأن تبدأ في تحدي أي جانب من جوانب حياتك, والذي قد قررت أنك لن تحاول فيه. إن أول عائد تنتفع به من خلال تشبثك بالماضي واعتمادك على الـــ "أنا كذا, وأنا كذا..." هو تجنب التغيير. ففي كل مرة تستخدم فيها الـــ "أنا كذا..." لتبرير سلوك ما لا تحبه, تكون كمن وضع في صندوق تم تغليفه وإغلاقه بإحكام.
وبالتأكيد فإنه من الأسهل أن تنعت نفسك بهذه الصفة أو تلك من أن تسعى للتغيير. فقد تعزي الأسباب التي أدت لتصنيفك لنفسك بهذه الطريقة إلى والديك أو إلى الكبار الذين كان لهم دور في
حياتك أثناء مرحلة الطفولة كالمعلمين والجيران والأجداد... إلخ. إنك حين تلقي بالمسئولية عليهم ما أنت عليه من حالة الــــ "أنا كذا" التي تعاني منها في الوقت الحالي تكون قد أعطيتهم ذريعة للتحكم في حياتك اليوم وتكون قد رفعت من منزلتهم على حساب نفسك وتكون قد أوجدت لنفسك ذريعة للبقاء على حالتك من العجز. إن هذا حقاً لمكسب عظيم ذلك المكسب الذي يضمن لك الإحجام عن المجازفة, وعن الإقدام على إحداث أي نوع من التغيير. فطالما أن الخطأ خطأ الثقافة التي اكتسبت في ظلها هذه الـــ "أنا كذا..." فليس بإمكانك أن تُحدث أي تغيير.